نقش السفيرة – معاهدة التبعية الآرامية

عمر حكمت الخولي

لا يمكن لدارس للغة الآرامية القديمة ألا يسمع بالنقوش الثلاثة الشهيرة التي عُثر عليها في بلدة السفيرة قرب حلب، وهي نصب حجرية نُقشت عليها معاهدة سياسية دُوِّنت باللغة الآرامية القديمة. اكتُشف النقشان الأول والثاني عام 1930، وهما محفوظان في متحف دمشق؛ أمَّا الثالث فاكتُشف عام 1956، وهو محفوظٌ في متحف بيروت الوطني، وهو أقصر النقوش الثلاثة بسبب ضياع مطلعه وخاتمته. يعتقد المؤرخون أن النصوص الثلاثة تمثل معاً معاهدةً واحدةً، لكن النقش الثالث لا يتضمَّن أسماء الملوك التي يُفترض أن تُدوَّن في ديباجته أو في خاتمته، أمَّا في المتن، فقد كُسر الموضع الوحيد الذي يتضمَّن اسماً. على كل حال، سواء كان هذا النقش يمثِّل ثالث نقوش المعاهدة التي أُبرمت بين ملك أرفاد، مَتِّي إيل، والملك بَرْ جايه (ابن جايا)، أو كان تسجيلاً لمعاهدة أخرى بين ملك من ملوك أرفاد وملك آخر في المنطقة، فإنه يبقى مثالاً بارزاً على المعاهدات السياسية التي كانت تحكم العلاقات بين الدول في الشرق القديم، فضلاً عن كونه أحد أبرز النصوص المدوَّنة بالآرامية الإمبراطورية (الدولية) التي كانت اللغة الرسمية للبلاطات الملكية في الفترة بين عامي 700 و300 ق.م.

يتناول النقش عدداً من الأحكام والشروط التي يُمليها الملك بر جايا على ملك أرفاد متي إيل، والتي يتضح منها خضوع الأخير لمعاهدة “انتداب” وتبعية من نوع ما. وعلى الرغم من أن كلا الطرفين يخضعان معاً لبعض من هذه الأحكام، مثل الاتفاق على التسليم المتبادل للشخصيات المنشقة والهاربة، إلا أنها تبقى في صالح بر جايه الذي شملت قائمة مطالبه من ملوك أرفاد الدخول في الحرب معه، ومحاربة أعدائه، وتسليم مطلوبيه إليه، وحماية رسله وتمهيد الطريق أمامهم، وغير ذلك مما قد ضاع مع الأجزاء المفقودة. علاوة على ذلك، تفرض المعاهدة على ملوك أرفاد تجنُّب التدخل في الخلافات الداخلية التي قد تنشب في بلاط المملكة الأخرى، وتحذرهم من التآمر على قتل الملك أو الإطاحة به. كما تنصُّ المعاهدة على ترسيم الحدود بين المملكتين، إذ يتناول النقش ملكية منطقة ما لم يتمكن المؤرخون من تحديدها، ربما كان اسمها يُلفظ “تَلْ أَيْم”،1 ويبدو أنها كانت إقليماً متنازعاً عليه بين المملكتين، وقد سيطرت عليها أرفاد زمناً قبل خضوعها لهذه المعاهدة التي تؤكد الحق التاريخي لبر جايه في المنطقة.2

تظهر في النص بعض الخصائص اللغوية التي تميز الآرامية الإمبراطورية، مثل قلب “الضاد” إلى “قاف” في كلمات مثل “أرق” بدلاً من “أرض” في العربية، و”أرص” في الأوغاريتية والعبرية، و”أرعا” في الآرامية المتأخرة والسريانية؛ واستخدام كلمة “بر” بدلاً من “بن” عند الحديث عن الابن في صيغة المفرد، وكلمة “بن” عند التحدث عن الأبناء في صيغة الجمع. إضافة إلى ذلك، يورد النص بعض التحولات الغريبة في بعض المفردات، كما في الفعلين “يهكون” و”أهك”، وهما في الأصل “يهلكون” و”أهلك”. على الرغم من أن اللغات السامية الأخرى تعاملت مع هذا الفعل بطريقة مشابهة، ولاسيما في صيغة الحاضر للمفرد المتكلم المذكر “أهلك” التي يحُذف منها حرف الهاء في اللغتين الأوغاريتية والعبرية ليصبح “إلك”، إلا أن حذف اللام من هذا الفعل – كما في هذا النص – ليس أمراً شائعاً في اللغات السامية. كما نجد في هذا النص بعض الكلمات التي وردت في صيغ شاذة في اللغات السامية عموماً، مثل كلمة “نفس” التي وردت بلفظ “نبش” بدلاً من “نفش”.

فيما يلي، أقدِّم ترجمتي للنقش، وقد قسمته بناء على أفكاره مع توضيح الأسطر فوق كل مقطع؛ تلي الترجمة قراءتي للنص باللفظ الآرامي القديم؛ ثمّ ملاحظات حول قراءة النقش؛ وأخيراً نقحرة النص الآرامي بالأبجدية العربية. (يمكن النقر على عنوان القسم للانتقال إليه)

ترجمة النقش:

(يمكن النقر على أرقام الأسطر للانتقال إلى المقطع المقابل في اللغة الآرامية)

1 – 4
[إذا جاءَ أحدٌ إليكَ] أو إلى ابنِكَ أو إلى نسلِكَ أو إلى أحدِ ملوكِ أرفادَ، و[شرع] يحكي عليّ أو على ابني أو على ابنِ ابني أو على نسلي، [أيْ] أيّ رجلٍ يبتغي [خروجَ] روحـِ[ـه من] أنفِه3 ويحكي كلماتٍ شريرةً عليّ… [عليكَ أن] تأخذَ المتكلِّمَ4 من يدِهِ، تسليماً تُسلِّمُهم5 ليديّ، وابنُكَ يُسلِّمُ لابني، ونسلُكَ يُسلِّمُ لنسلي، ونسلُ ملوكِ أرفاد يُسلِّمون لي، وما طابَ في عينيّ أصنعُ بهم. وإن لم [تفعلوا]،6 [فقد] خُنتم7 كلّ آلهةِ العهدِ التي في هذا السفر.

4 – 7
وإن هربَ منِّي هاربٌ، أحدُ قادتي، أو أحدُ أخوتي، أو أحدُ خصياني، أو أحدٌ [من] الشعبِ الذي في يدي، وذهبوا إلى حلب، لا تُقدِّمْ لهم خبزاً، ولا تَقُلْ لهم: «امكثوا حيثما تريدون»، ولا تحوِّل نفوسَهم عنِّي،8 [بل] رضاً تُرضيهم وتُرجِعُهم إليّ. وإن لم يمكثوا في أرضِكَ، فأرضوهم هناكَ [في بلادكم] حتَّى آتي أنا وأُرضيهم [بنفسي]. وإن تُحوِّلْ نفوسَهم عنِّي وتُقدِّمْ لهم خبزاً وتَقُلْ لهم: «امكثوا في مكانِكم ولا تَتَّجهوا في إثره»،9 [فقد] نكثتم هذا العهد.

7 – 9
و[أمَّا] كلّ الملوكِ الذين في جواري، أو كلّ [مَنْ] هو مُحِبّ لي، [إذا] أرسلتُ رسولي إليه من أجلِ السلامِ أو لأيّ من رغباتي،10 أو [إذا] أرسلَ رسولَهُ إليّ، فافتحها – لي – الطريقَ. [فإنكَ] لا تتحكَّمُ بي في هذا [الأمر]، ولا تأذَنُ لي به،11 وإن لم [تفعلْ]، [فقد] نكثتَ هذا العهد.

9 – 14
وإن [قامَ] أحدٌ من أخوتي، أو أحدٌ مِنْ بيتِ أبي، أو أحدٌ من أبنائي، أو أحدٌ من وزرائي، أو أحدٌ من قادتي، أو أحدٌ من الشعبِ الذي في يدي،12 أو أحدٌ من شانئيّ13 وابتغى رأسي لإماتتي، ولإماتةِ ابني ونسلي، [فـ]ـإن أتى وقتلني [عليكَ] أنتَ [أن] تأتي وتنتقمَ [لـ]ـدمي من يدِ شانئي، وابنُكَ يأتي ينتقمُ [لـ]ـدمِ ابني من شانئِه، وابنُ ابنِكَ يأتي ينتقمُ [لـ]ـدمِ ابنِ ابني، ونسلُكَ يأتي ينتقمُ [لـ]ـدمِ نسلي. وإن [حاربتْنا] مدينةٌ، تضربونها بالسيف. وإن [حاربني] أحدُ أخوتي، أو أحدُ عبيدي، أو أحدُ قادتي، أو أحدٌ [من] الشعبِ الذي في يدي، تضربون إيَّاه و[تضربون] نسلَه وأهله14 ومحبِّيه بالسيف. وإن لم [تفعلْ]، [فقد] خنتَ كلّ آلهةِ العهدِ التي في هذا السفر.

14 – 17
وإن خطرَ في قلبِكَ أو عَلَتْ على شفتيكَ15 [أوامرُ] إماتتي،16 وخطرَ في قلبِ ابنِ ابنِكَ وعَلَتْ على شفتيه [أوامرُ] إماتةِ ابنِ ابني، أو إن خطرَ في قلبِ نسلِكَ وعَلَتْ على شفتيه [أوامرُ] إماتةِ نسلي، وإن خطرَ في قلوبِ ملوكِ أرفادَ أيّ مِمَّا يُميتُ ابنَ الإنسانِ، [فقد] خُنتم كلّ آلهةِ العهدِ التي في هذا السفر.

17 – 19
وإن نازعَ ابني الذي يجلسُ على عرشي أحدٌ [من] أخوته، أو تمرَّدَ عليه، فلا تُعمِلْ لسانَكَ بينهما،17 و[لا] تَقُلْ له: «اقتُلْ أخاكَ أو ائسِرْه ولا تُطلِقْهُ»، فإنْ رضاً أرضيتَ بينهما، لن يقتلَ ولن يأسرَ [أخاه]، وإن لم تُرضِ بينهما، [فقد] نكثتَ هذا العهد.

19 – 23
و… [وإن] يهربْ هاربٌ إلى حدودِهم ويهربْ هاربٌ منهم ويأتي إليّ، [فـ]ـإن أَرجَعَ ما هو لي، أُرجِعْ ما هو له. ولا تظلمني أنتَ. وإن لم [تفعلْ]، [فقد] نكثتَ هذا العهد. ولا تُعمِلْ لسانَكَ في بيتي و[بين] أبناءِ أبنائي وأبناءِ أخوتي وأبناءِ نسلي وأبناء شعبي، فتقولَ لهم: «اقتلوا سيِّدَكم ليأتي خليفتُه»، لأن [خليفتي] لنْ يكونَ أطيبَ [مني] معكَ،18 وسينتقمُ أحدٌ [لـ]ـدمي. وإن تآمرتَ19 عليّ أو على أبنائي أو على نسلي، [فقد] خُنتم كلّ آلهةِ العهدِ التي في هذا السفر. 

23 – 26
[أمَّا] “تَلْ أَيْم” وضِياعُها وأهلوها20 وحدودُها، [فهي] لأبي ولبيتِه إلى الأبد. عندما ضربت الآلهةُ بيتَ أبي، أصبحتْ [تَلْ أَيْم] لآخرين، والآن قرَّرت الآلهةُ إرجاعَ بيتِ أبي… [فـ]ـرجعتْ “تَلْ أَيْم” إلى [بر جايـ]ـه ولابنِه ولابنِ ابنِه ولنسلِه إلى الأبد. وإنْ تَنَازعَ ابني وتَنَازعَ ابنُ ابني وتَنَازعَ نسلي مع نسلِكَ بشأنِ “تَلْ أَيْم” وضِياعِها وحدودِها…21

قراءتي للنص الآرامي بعد إضافة الأصوات (التشكيل وحروف المد):

(يمكن النقر على أرقام الأسطر للانتقال إلى المقطع المقابل في اللغة العربية)

1 – 4
… أو إِلْ بَرَكْ أو إِلْ عِقَارَكْ أو إِلْ حَدْ مَلْكَايْ أرْفَادْ ويُمَلِّلْ عَلايْ أو عَلْ بَرِي أو عَلْ بَرْ بَرِي أو عَلْ عِقَاري كِيمَا كُلْ جَبْر زي يَبْعِيهْ رُوَّحْ أَفَّوْهْ ويُمَلِّلْ مِيلِينْ لَحْيَاتْ لِعَلايْ… تِقَحْ مُلِيَّا مِنْ يَدَيْهْ هَسْكَرْ تُهَسْكِرهُمْ بِيَدَايْ وبَرَكْ يُهَسْكِرْ لبَري وعِقَارَكْ يُـ[هَـ]ـسْكِرْ لعِقَاري وعِقَارْ حَدْ مَلْكَايْ أَرْفَادْ يُهَسْكِرونْ لي، ما طابْ بعَِيْنَايْ أعَبُدْ لَهُمْ. وهِنْ لا هِنْ، شَقَرْتُمْ لِكُلْ إِلَهَايْ عَدَيَّا زي بسِفْرَا زَنَا.

4 – 7
وهِنْ يَقرُقْ مِنِّي قارِقْ، حَد فَقِيدَايْ أو حَدْ أحَايْ أو حَدْ سَريسَايْ أو حَدْ عَمَّا زي بِيَدَايْ ويَهِكُونْ حَلَبْ لا تِسُّكْ لَهُمْ لَحِمْ، ولا تِئمَارْ لَهُمْ شِبُو عَلْ أشرِكُمْ ولا تَهرُمْ نِبُوشْهُمْ مِنِّي، رِقَّا تُرَقِّهُمْ وتَهَشِيبْهُمْ لي، وهِنْ لا يَشِبُونْ بأرقَكْ، رَقِيُّو شَمْ عَدْ أَهَكْ أنا وأُرَقِّهُمْ. وهِنْ تَهْرُمْ نِبُوشْهُمْ مِنِّي وتِسُّكْ لَهُمْ لَحِمْ وتِئْمَارْ لَهُمْ شِبُو لتَحَتْكُمْ وأَلْ تِفْنَوْ بأشْرِهْ، شَقَرْتُمْ بِعَدَيَّا إِلينْ.

7 – 9
وكُلْ مَلْكَايا زي سَحَرْتي أو كُلْ زي رَحِيمْ هُوَ لي وإشْلَح مَلآكي إلَوْهْ لِشَلامْ أو لِكُلْ حَفْصِي أو يِشْلَحْ مَلآكِهْ إِلايْ، فْتَاحْ لي أُورْحَا، لا تِمْشُلْ بي بزا، ولا تَرْشِي لي عَلَيْهْ. وهِنْ لا هِنْ شَقَرْتْ لَعَدَيَّا إِلِينْ.

9 – 14
وهِنْ مِنْ حَدْ أَحَايْ أو مِنْ حَدْ بَيْتْ أبي أو مِنْ حَدْ بَنَايْ أو مِنْ حَدْ نَجِيدَايْ أو مِنْ حَدْ [فَـ]ـقِيدَايْ أو مِنْ حَدْ عَمَّايَا زي بيَدَايْ أو مِنْ حَدْ سَانِآي ويَبْعِِيه رَأشي لِهَمِتَتِي وِلِهَمِتَتْ بَرِي وعِقَاري، هِنْ إيَّاتي يِقْتُلُونْ أتَّ تَأْتي وتِقُّمْ دَمِي مِنْ يَدْ سَانِِآي، وبَرَكْ يَأْتي يِقُّمْ دَمْ بَرِي من سانِآوهْ، وبَرْ بَرَكْ يَأتي يِقُّمْ دَ[مْ بَـ]ـرْ بَرِي، وعِقَارَكْ يَأتي يِقُّمْ دَمْ عِقَاري. وهِنْ قِرِيَهْ هِيَ، نِكَّا تِكَّوْهْ بِحِرِبْ. وهِنْ حَدْ أحَايْ هُوَ أو حَدْ عَبْدَايْ أو [حَدْ] [فَقِيدَا]يْ أو حَدْ عَمَّا زي بِيَدَايْ، نِكَّا تِكَّوهْ إيَّاهْ وعِقَارِهْ وشَرْبَوْهْ ومَوْدِدَوْهْ بِحِرِبْ، وهِنْ لا هِنْ شَقَرْتْ لِكُلْ إلَهَايْ [عَـ]ـدَيَّا زي بسِفْرَا زَنَا.

 14 – 17
وهِنْ يِسُّقْ عَلْ لِبَبَكْ وتِشَّا عَلْ شَفَتَيْكْ لِهَمِيتَتي، ويِسُّقْ عَلْ لِبَبْ بَرْ بَرَكْ وَيِشَّا عَلْ شَفَتَوْهْ لِهَميتَتْ بَرْ بَرِي، أو هِنْ يِسُّقْ عَلْ لِبَبْ عِقَارَكْ ويِشَّا عَلْ شَفَتُوهْ لِهَمِيتَتْ عِقَاري، وهِنْ يِسُّقْ عَلْ [لـِ]ـبَبْ مَلْكَايْ أرْفَادْ بِكُلْ مَا زِي يِمَوِّتْ بَرْ أُنَشْ، شَقَرْتُمْ لِكُلْ إلَهَايْ عَدَيَّا زي بسِفْرَا زَنَا.

17 – 19
وهِنْ يَرِبْ بَرِ[ي] زي يَشِبْ عَلْ كُسَّئي حَدْ أَحَوْهْ أو يِعْبَرِنِّهْ، لا تِشْلَحْ لِشَانَكْ بِينَيْهُمْ وتِئْمَارْ لِهْ قِتُلْ أَحُوكْ أو أَسْرِهْ وأَ[لْ] تِشْرَيهْ. وهِنْ رِقَّا تُرَقِّي بِينَيْهُمْ، لا يِقْتَلْ ولا يِئْسَرْ. وهِنْ لا تُرَقِّي بِينَيْهُمْ شَقَرْتْ بِعَدَيَّا إلينْ.

19 – 23
و… ويَقرُقْ قَارِقي عَلْ حَدْهُمْ ويَقْرُقْ قَارِقْهُمْ ويأتي إلايْ، هِنْ هِشِيبْ زي لي أهَشِيبْ [زي لِه، وأ]لْ تَعْشُقِنِّي أتَّ. وهِنْ لا هِنْ شَقَرْتْ بَعَدَيَّا إلينْ. ولا تِشْلَحْ لِشَانْ بِبَيْتي وبَنِي بَنَايْ وبَنِي أ[حَايْ وبَنِي عِـ]ـقَاري وبَنِي عَمِّيْ وتِئْمارْ لَهُمْ قِتْلُو مَرَاكُمْ وهُوِّي حَلِيْفَهْ، كي لا طَابْ هُوَ عِمَّك، ويِقُّمْ حَدْ [دَمِي. وهِنْ تـَ]ـعَبُدْ مِرْمَاتْ عَلايْ أو عَلْ بَنَايْ أو عَلْ عِقَار[ي] [شَـ]ـقَرْتُمْ لِكُلْ إلَهَايْ عَدَيَّا زي بسِفْرَا زَنَـ[ـا.

23 – 26
وتَلْ أَيْـ]ـم وكَفْرَيْهَ وبَعْلَيْهَ وجَبُولَهْ لأبي ولـ[ـبَيْتِهْ عَدْ] عَالَمْ. وَكَزِي حَبَزُو إِلَهِينْ بَيْتْ [أبي هِيَ هَـ]ـوَتْ لأَحَرِينْ، وكِعِتْ حَشِبَو إِلَهِينْ شَيْبَتْ بَيْـ[ـتْ أبي…] أبي وشَبَتْ تَلْ أَيْم لـ[بَرْ جَايَـ]ـا ولِبَرِهْ ولِبَرْ بَرِهْ ولِعِقارِهْ عَدْ عَالَمْ. و[هِنْ يَرِبْ بَرِي ويَرِبْ بَرْ بَـ]ـري ويَرِبْ عِقَاري [عِمْ عِقَارَك إ]لْ تَلْ أَيْم وكَفْرَيْهْ وبَعْلَيْهْ مِنْ…

ملاحظات حول قراءة النقش:

حول حروف المد:

في الآرامية القديمة، كما في العبرية والأوغاريتية مثلاً، ثمة قواعد خاصة تحكم ما إذا كان يجب تدوين الحروف “ا، و، ي” أم لا.

حرف الألف: لا يُدوَّن الألف إذا كان حرف مدّ، أي كالألف في كلمة “سلام” العربية، لذا تُكتب كلمات مثل شلام ولشان الواردة في النص دون ألف المد: “شلم – لشن”، بينما تُكتب ألف التعريف الآرامية في نهاية الكلمة على الرغم من كونها ألف مد، كما في كلمات “سفرا” و”عديا”، ويُدوَّن الألف أيضاً إذا كان متحركاً (همزة قطع)، كما في كلمات “أَو” و”سنأِي”.

حرف الواو: لا يُدوَّن الواو إذا كان حرف مدّ، أي كالواو في كلمة “عيون” العربية، لذا تُكتب كلمات مثل أحوك وأورحا الواردة في النص دون واو المد: “أحك – أرحا”، بينما تُكتب واو الجماعة دائماً على الرغم من أنها واو مدّ، كما في كلمات “حشبو” و”قتلو”، ويُدوَّن الواو أيضاً إذا كان متحركاً، مثل واو العطف وفي كلمات مثل “هوَت” و”وموَددَوه”، ويُدوَّن إذا كان صامتاً مسبوقاً بحرف مفتوح، مثل كلمة “أَوْ aw’” لكونه ليس واو مدّ.

حرف الياء: لا يُدوَّن الياء إذا كان حرف مدّ، أي كالياء في كلمة “سنين” العربية، لذا تُكتب كلمات مثل ميلين وإلهين الواردة في النص دون ياء المد: “ملن – إلهن”، بينما تُدوَّن ياء المتكلم دائماً، كما في كلمات “أبي” و”أحاي”، ويُدوَّن الياء أيضاً إذا كان متحركاً، كما في كلمات “لحيَت” و”قريَه”، ويُدوَّن إذا كان صامتاً مسبوقاً بحرف مفتوح، مثل كلمات “بَيْت bayt” و”شَيْبَتْ šaybat” لكونه ليس ياء مدّ. 

يُلاحظ في هذا النقش أن حرف الواو قد دُوِّن في جميع المواضع تقريباً، باستثناء كلمات قليلة هي “أحك” و”أرحا” و”نبشهم” بدلاً من “أَحُوْك” و”أُوْرْحَا” و”نبوشهم”، وقد عومل في بقية المواضع معاملة الأحرف المتحركة لا معاملة واو المد، ما يدلّ على أن كلمة “يموت” الواردة في النص، مثلاً، ينبغي أن تُقرأ “يِمَوِّت” بتشديد الواو وكسرها بدلاً من “يَمُوتْ”، وأن كلمة “أفوه” التي تعني “أنفه” ينبغي أن تُقرأ “أفَّوْه” بفتح الفاء لا بضمِّه، وكلمة “إلوه” التي تعني “إليه” ينبغي أن تُقرأ “إِلَوْه”. نجد أسلوب اللفظ هذا في بعض اللهجات المحلية في بلاد الشام، وفيها قد يُحرَّك الحرف الذي يسبق الواو بالفتحة، فتتحوَّل كلمات مثل “شَرِبُوا šaribū” إلى “شِرْبَوْ širbaw”.

حول ياء المتكلم:

إذا كانت ياء الملكية/المتكلم ملحقةً باسم مفرد، تُلفظ كما تُلفظ في العربية، مثل “دَمِيْ damī” و”أبي abī’”. أما إذا كانت ملحقةً بجمع، فتُلفظ كما تُلفظ ياء المتكلم الملحقة بالمثنى في العربية، أي مثل “يداي yadāy”. على هذا النحو، تنبغي قراءة كلمات من قبيل “نجدي، فقدي، بني” على النحو التالي: “نَجِيدَايْ nagīdāy، فَقِيدَايْ paqīdāy، بَنَايْ banāy”.

حول الهاء في نهاية الكلمة:

إذا لم تكن الهاء في نهاية الكلمة من أصلها، ولم تكن ضميراً متصلاً، تنبغي قراءتها كألف المد، كما في كلمة “أنه” التي تعني “أنا”، وكلمة “زنه” التي تعني “هذا”. كما تُلفظ كألف المد إذا كان أصلها تاء، مثل كلمة “قريه” وأصلها “قريت/قرية”. تُستثنى من ذلك الهاء في نهاية بعض الأفعال، مثل “يبعه” و”يأته”، والتي تقابل في العربية “يبغي” و”يأتي”، فهي تُلفظ ألفاً ممالة (e) كما في العبرية (ya’te)، لا ياء (i) كما في العربية “ya’tī”.


نقحرة النص بالأبجدية العربية:

01: أو ال برك أو ال عقرك أو ال حد ملكي ارفد ويـ[ـملـ]ـل [عـ]ـلي أو عل بري أو عل بر بري أو عل عقري كيم كل جب
02: ر زي يبعه روح افوه ويملل ملن لحيت لعلي… تقح مليا من يده هسكر تهسكر هم بيدي وب
03: رك يهسكر لبري وعقرك يسكر لعقري وعقر [حد مـ]ـلكي ارفد يهسكرن لي مه طب بعيني اعبد لهم و
04: هن لهن شقرتم لكل الهي عديا زي بسفرا [زنه] وهن يقرق مني قرق حد [فقد]ي أو حد أحي أو حد
05: سرسي أو حد عما زي بيدي ويهكن حلب لتسـ[ـك لـ]ـهم لحم ولتامر لهم شبو عل اشركم ولتهرم ن
06: بشهم مني رقه ترقهم وتهشب لهم لي وهن ليـ[ـشبـ]ـن بأرقك رقو شم عد أهك أنه وارق هم وهن تهرم نبشه
07: م مني وتسك لهم لحم وتامر لهم شبو لتحتكـ[ـم] وال تفنو بأشره شقرتم بعديا الن وكل ملكيا زي س
08: حرتي أو كل زي رحم ها لي واشلح ملأكي ا[لـ]ـوه لشلم أو لكل حفصي أو يشلح ملأكه الي فتح
09: ه لي ارحا لتمشل بي بزا ولترشه لي عليـ[ـه و]هن لهن شـ[ـقـ]ـرت لعديا الن وهن من حد احي أو من حد بي
10: ت ابي أو من حد بني أو من حد نجدي أو من حد [فـ]ـقدي أو من حد عميا زي بيدي أو من حد سناي و
11: يبعه راشي لهمتتي ولهمتت بري وعقري هن ايتي يقتلن ات تاته وتقم دمي من يد سناي وبرك ياته
12: يقم دم بري من سناوه وبر برك ياته يقم د[م بـ]ـر بري وعقرك ياته يقم دم عقري وهن قريه ها نكه
13: تكوه بحرب وهن حد احي ها أو حد عبدي أو [حد] [فقد]ي أو حد عما زي بيدي نكه تكه ايه وعقره وسر
14: بوه وموددوه بحرب وهن لهن شقرت لكل الهي [عـ]ـديا زي بسفرا زنه وهن يسق عل لببك وتشا عل ش
15: فتيك لهمتتي ويسق عل لبب بر برك ويشا عل شفتوه لهمتت بر بري أو هن يسق عل لبب عقرك
16: ويشا عل شفتوه لهمتت عقري وهن يسق عل [لـ]ـبب ملكي ارفد بكل مه زي يموت بر انش شقرتم لك
17: ل الهي عديا زي بسفرا زنه ويهن يرب بر[ي] زي يشب عل كساي حد احوه أو يعبرنه لتشلح لش
18: نك بنيهم وتامر له قتل احك أو اسره وا[ل] تشريه وهن رقه ترقه بنيهم ليقتل ولياسر
19: وهن لترقه بنيهم شقرت بعديا الن و[    ] لكن [   ] تي ويقرق قرقي عل حدهم ويقرق قر
20: قهم ويأته الي هن هشب زي لي اهشب [زي له وا]ل تعشقني ات وهن لهن شقرت بعديا ا
21: لن ولتشلح لشن ببيتي وبني بني وبني ا[حي وبني عـ]ـقري وبني عمي وتامر لهم قتلو مرا
22: كم وهوي حلفه كي لطب ها مك ويقم حد [دمي وهن تـ]ـعبد مرمت علي أو عل بني أو عل عقر[ي]
23: [شـ]ـقرتم لكل الهي عديا زي بسفرا زن[ه وتل ايـ]ـم وكفريه وبعليه وجبله لابي ولـ
24: [ـبيته عد] علم وكزي حبزو الهن بيت [ابي ها هـ]ـوت لاحرن وكعت حشبو الهن شيبت بي
25: [ت ابي……………. بيت] ابي وشبت تل ايم لـ[بر جايـ]ـه ولبره ولبر بره ولعقره عد علم و
26: [هن يرب بري ويرب بر بـ]ـري ويرب عقري [عم عقرك أ]ل تل ايم وكفريه وبعليه من…


  1. تتنوع القراءات التي قدمها الباحثون لاسم المكان، ولكن وفقاً لشروط تدوين حرف الياء في الآرامية، لا يمكن أن يكون لفظها إلا “تل أَيْم”، أو شيئاً من قبيل “تل أيَام/أيُوم”، ولا يمكن أن يكون “تلائيم” كما قدَّره البعض أو شيئاً من هذا القبيل. ↩︎
  2. لم يبقَ من اسم “بر جايه” في هذا النقش سوى حرف الهاء في آخره، بينما لا يظهر اسم ملك أرفاد على الإطلاق، إلا أن غالبية الباحثين يتفقون على أن هذا النقش هو القسم الثالث من أقسام المعاهدة المدونة في نقشي السفيرة الأول والثاني، ومنهما نعرف اسمي الملكين. ↩︎
  3. وردت في النص: “يبتغي روح أنفه”. حاول العديد من الباحثين تفسيرها، إلا أنني أعتقد أنها تعني أحد أمرين فقط: الدلالة على الغضب، أو الدلالة على طلب الموت. ↩︎
  4. يُترجم بعض الباحثين هذه الكلمة “مُليَّا” إلى “كلمات” بدلاً من “متكلِّم”، ولا أرى أن ذلك يتسق مع منطق النص والعبارة التالية. كما أن كلمة “كلمات” وردت فعلاً في النقش بصيغة “ملن = ميلين” في السطر نفسه. ↩︎
  5. وردت في النص: “هسكر تهسكرهم”، ويمكن قراءة الكلمة على وجهين؛ الأول اعتبارها تحويراً للجذر السامي “سجر” المعروف في الأوغاريتية والعبرية مثلاً، ويعني “أغلق، أقفل”، وهو المعنى المستخدم في لهجات بلاد الشام، وبالتالي يكون معنى العبارة شيئاً من قبيل: حجزاً تحجزهم أو أسراً تأسرهم؛ والثاني اعتبارها من الجذر “سكر” الذي يقابل في العبرية “سكر=سخر” وفي العربية “شكر”، ويعني في الأصل “سلَّم – دفع”، وهذه الترجمة التي اعتمدتها نظراً إلى اتساقها مع معنى العبارة. ↩︎
  6. وردت في النص: “هِنْ لا هِنْ”، وتعني حرفياً: “إن لا نعم”، حيث “هِنْ” الأولى شرطية، وتُقابل “إن” في العربية و”هِمْ” في الأوغاريتية والعبرية، أما “هِنْ” الثانية فتعني “نعم/أجل” وتقابل “كِنْ” في العبرية والآرامية المتأخرة. ↩︎
  7. الفعل المستخدم هنا هو “شقر” الذي يعني حرفياً “كذب”، لكنه يُستخدم في الآرامية والعبرية بمعنى “خان العهد”، لذا ترجمته إلى “خان” أو “نكث” حسب الاقتضاء. ↩︎
  8. وردت في النص: “لا تهرم نبوشهم مني”. يختلف الباحثون في قراءة وترجمة الفعل الوارد هنا في صيغة “تهرم”، ففي كتابه “اللغة الآرامية القديمة”، ترجم د. فاروق إسماعيل هذا الفعل إلى “تختلس” مفترضاً أن الفعل أصله “روم” أي علا وارتفع، وبذلك يكون المعنى “لا ترفع نفوسهم مني”. بصرف النظر عن المعنى الحرفي، فإن السياق يقبل الترجمة التي اعتمدتها. ↩︎
  9. وردت في النص “أل تِفْنَو بأشرِه”. ترجم د. فاروق إسماعيل هذه العبارة إلى “لا تتجهوا إلى مكانه”، أما حرفياً فتعني “لا تتوجهوا في إثره”، ولهذا اخترتٌ ترجمتها هكذا، والمقصود: لا تتبعوه ولا ترجعوا إلى سلطته. ↩︎
  10. وردت في النص: “لكل حفصي”، وتعني حرفياً: “لكل رغباتي”. ↩︎
  11. وردت في النص: “لا ترشي لي عليه”. ترجم د. فاروق إسماعيل هذه العبارة إلى “لا تحتج به عليَّ”، واعتبر أن الفعل “رشي” (وهو يقابل رضي في العربية) قد تعرَّض لظاهرة التضاد المعنوي التي نصادفها في اللغات السامية، فأصبح معناه “ترفض، تحتج”. لكنني أرى أن الفعل لم يطرأ عليه شيء، وهو يعني “تأذَن” أو “تُوافِق”، بمعنى أن الملك بر جايه لا ينتظر إذن ملك أرفاد لكي يرسل رسله. ↩︎
  12.  أي الشعب الذي أحكمه. ↩︎
  13. في النص “سانئ”، وتقابل في العربية “شانئ” «إن شانئك هو الأبتر»، وتعني الكاره والمُبغض أو العدو. ↩︎
  14. وردت الكلمة في النص مشوهة ومجزأة على سطرين، وقد قرأها بعض الباحثين “سجبوه”، وحار المترجمون فيها فقدموا ترجمات عديدة لها، ومنها ترجمة د. فاروق إسماعيل إلى العربية التي اقترح فيها أنها تقابل “شجب” في العربية، وترجمها إلى “عظمائه”. شخصياً أعتقد أننا ينبغي أن نقرأها “شربوه” من الجذر “شرب”، ويعني عائلة أو أهل (علماً أن الحرف الأول من الكلمة 𐤔 يُستخدم لكتابة السين والشين)، وربَّما يقابل “سرب” في اللغة العربية. للمزيد انظر: Carl Brockelmann’s LEXICON SYRIACUM. ↩︎
  15. وردت في النص “يِسُّقْ عَلْ لِبَبَك وتِشَّا عَلْ شَفَتَيْك”، وتعني حرفياً: “صعد على قلبك أو ارتفع على شفتيك”. عبارتان تعني الأولى منهما “فكَّرت سِرَّاً/بيَّتَّ الأمر” والثانية “جهرت وتلفَّظت”. ↩︎
  16.  ترجم د. فاروق إسماعيل هذه الكلمة إلى “قتلي”، وهو مصيب في المعنى، لكن الكلمة الآرامية المستخدمة هي “هِمِيتَتِي”، وهي المقابل الحرفي لكلمة “إماتتي” في اللغة العربية. ↩︎
  17. وردت في النص “لا تشلح لشانك بنيهم”، وتعني حرفياً: لا تُرسِلْ لسانك بينهم. ↩︎
  18. اختلف الباحثون في ترجمة هذه العبارة، وقد ترجمها د. فاروق إسماعيل إلى “لن يكون أطيب منك” بسبب الكلمة الأخيرة “مك”، لكنني أرى أن هذا المعنى لا يتفق مع السياق، وأعتقد أن الكلمة الأخيرة فيها خطأ إملائي، ويُفترض أن نقرأها “عمَّك” أي “معك”، وبالتالي يصبح المعنى “لن يكون الملك الجديد أطيب مني معك”. ↩︎
  19. وردت في النص “تعبد مرمات”، وتعني حرفياً: تفتعل/تصنع فتنة أو خديعة. ↩︎
  20. وردت في النص “بَعلَيْه”، أي رجالها، ولكن منطق المعاهدة يفترض أن المقصود هو سكانها جميعاً. ↩︎
  21. يتضمن النقش بضعة أسطر أخرى، لكنها مشوهة ولا يمكن قراءة سوى كلمات متفرقة منها. ↩︎